من احب عمل قوم اشرك في عملهم

من أحب عمل قوم أشرك في عملهم

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قال رسول الله صلى الله عليه وآله ( من أحب قوما حشر معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم ).
ما أجمل أن يتتبع المرء من يصل به إلى طريق الهداية ويأخذ بيديه إلى باب الجنان ومن ثم يتفانى في وده ويؤثره على نفسه ليكون مولى له يحكمه في شئون حياته ويطيعه فيما يأمره به وينتهي عما ينهاه عنه ويسير على منهاجه لينال شرف الدنيا ونعيم الآخرة .
نعم أيها الأحبة من أراد الوصول إلى شاطئ الأمان فليركب سفينة النجاة وليهتدي بعباد الله الصالحين الذين جعلهم الله السبيل لمرضاته فهم أمناءه على دينه والهداة المهديين الذين يدلونه على الله ويوصلونه إلى مرضاة الله ويدخلونه إلى نعيمه المقيم ليكون بجوارهم ويهنأ بقربهم جزاءا له على مودته لهم وحبه لعملهم .
إن الطريق إلى الله يحتاج إلى مجاهدة النفس وترك الهوى الذي يودي بصاحبه إلى الهلكة ويسلك به إلى المصير الأسود ليكون لجهنم حطبا وللشيطان جارا ولمن تبعه وأحبه وتأثر بأعماله المشينة شريكا يهوي به إلى دركات الجحيم .
في هذه العجالة سأتحدث وقلبي يعتصره الألم عن ظاهرة سيئة لا تمت إلى التحضر ولا فيها ذرة من الخلق الكريم ويمقتها من جعلهم الله لنا قداة وهداة لعلمهم بأنها تسلك بنا إلى جهنم وبئس المصير .
يقوم بها وللأسف مجموعة من الشباب المستهترين ويشاركهم فيها مجموعة أخرى من الناس الغير مسئولين من خلال التجمهر والتشجيع والتصوير .
نعم أيها الكرام لقد أنعم الله علينا بأن هدى أناسا يصنعون ما فيه راحتنا وتيسير السبل لنا لنصل بها إلى أماكن بعيدة في ساعات قليلة كان آباؤنا يقطعونها في أيام وقد تطول إلى شهور وينهكم في ذلك بعد السفر وطول المسير .
وهذا من فضل الله ومنه بأن جعلها لنا راحلة توصلنا إلى أي مكان نقصده براحة تامة وفي وقت قصير لم يتسنى لأجدادنا في العصور المتقدمة ، وبدلا من أن نحمد الله ونشكره على أن تفضل علينا بأن يسر لنا هذه الراحلة من خلال قيادتها بفن وذوق وأخلاق كفرنا بهذه النعمة واتخذناها وسيلة لإزهاق الأرواح من خلال التفحيطفي الشوارع المأهولة والضيقة وذات المسافات القصيرة .
وقد يتساءل البعض: لماذا هذا التعميم ؟
بينما من يقوم بهذا العمل المشين مجموعة من الشباب الطائش وبمشاركة مجموعة أخرى من المتفرجين والمشجعين لهم والمجتمع ليس له علاقة بهم ولا يؤيد عملهم لا من قريب ولا من بعيد .
والجواب يتلخص في قول النبي صلى الله عليه وآله:
( كلكم راع وكل مسئول عن رعيته ).
فلا يتنصل أحد عن المسئولية بحجج واهية ما أنزل الله بها من سلطان فكل فرد من أفراد المجتمع مسئول وعليه أن يؤدي دوره في الحد من هذا العمل المشين الذي أودى بحياة الكثير من الأبرياء على أيدي شباب لا يعرفون في هذه الحياة إلا اللعب واللهو بنعم الله لتكون وبالا عليهم وعلى الأبرياء من أبناء المجتمع بدلا أن يسخروها في خدمتهم ومن أجل راحتهم .
- فالدولة مسئولة بتطبيق القوانين الصارمة والمشددة على هؤلاء المستهترين .
- والآباء مسئولين عن فلذات أكبادهم بأن يخافوا عليهم ويمنعوهم من التسكع في الشوارع مع أصدقاء السوء الذين يسرعون بهم إلى الهلكة من خلال تشجيعهم على التفحيط بسيارات لا يعرفون ثمنها ولا لأي شيء صنعت وأن يكونوا تحت ناظريهم في كل قت وفي أي آن فلا يسلموهم مفاتيح سيارة ويتركوهم في الشوارع يلهون ويلعبون بها بلا رقيب ولا حسيب .
- والإعلام مسئول بأن يبين للشباب خطورة هذا العمل وينشر الإحصاءات الدورية بعدد الوفيات والعاهات التي كان سببها القيادة اللا مسئولة للمركبات .
- والمراكز الإجتماعية تقع عليها مسئولية التثقيف والنصح والإرشاد وفتح النوادي المختلفة لانتشال أولئك الشباب من وحل الرذيلة والإستفادة من طاقاتهم فيما فيه خدمة المجتمع .
- وكذا كل فرد عليه أن يقوم بواجبه بحسب إمكانياته ومن خلال موقعه .
وبهذا يكون المجتمع قد تخلص من هذه الظاهرة والظواهر السيئة الأخرى والتي جعلته يقف في مكانه من دون حراك
ليكون مجتمعا متحضرا بسمو الأخلاق فيرتقي ليصل إلى قمة الحضارة التي أرسى قواعدها نبي الرحمة وقائد الأمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وأرفع بناءها أوصياءه الطاهرين ، ليكتمل ذلك البناء على يد خاتمهم ولي أمر الله وصاحب العصر الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجة وبمعونة من شبابنا الأفاضل المتحلين بأخلاقه والسالكين نهجه ليكونوا شركاءا له في عمله الصالح وأفرادا فاعلين في دولته المباركة .