وهناك قصة بينه وبين أحد القبائل يقال أن حمل عنترة فطعن حصين بن ضمضم المري فألقاه عن فرسه ومضى لعنترة الفرس في صفهم وركب حصين وتواثق هو وأصحابه أن يحملوا على عنترة حملة رجل واحد فلما مر بين الصفين ، حمل عليه حصين وأصحابه فطعنه حصين في وجهه وظن أنه فقأ عينه وردعه عن القوم بتلك الطعنة وحمل دريد بن ضمضم المري فقتل معاوية بن شداد عم عنترة ، فقال حصين في ذلك :
أما بنو عبس ٍ فان زعميهـــم @@ أحلت فوراسه فأفلت أعـــورا
لما رأيت العبد وسط صفوفـنا @@ متكررا أكرهت فيه الاسـمرا
فرددت جمع السراة ســـواده @@ ورددته عن صف مرة مدبرا
لما رأى فرسان مرة والقنــــا @@ لم يستطيع لقناهم أن يصــبرا
تركت بوجه العبد طول حياته @@ أرماح مرة والاسنة منظـــرا
وتركن في كر الفوارس عمـه @@ شلوا بمعترك الكماة مجــزرا
فحمل قيس على الخيل فضرب دريد بن ضمضم فصرعه ومسح عنترة الدم عن وجهه وشد على حصين فما رآه ولى وترك أخاه دريدا ، فأدركه عنترة فطعنه فوقع السنان في مقعدته ، فألأصقه بالسرج ثم حمل على حصين وهو يقول :
اصبر حصين لمن تركت بوجهه @@ أثرا ً فاني لا إخالك تصــــــــبرُ
ما سرني أن القناة تحرفـــــــــت @@ عما أصابت من حجاج المحجر
إن الكريم ندوبه في وجهــــــــه @@ وندوب مرة لاترى في المنحـر
لكن في أكتافهم ونحورهـــــــــم @@ فبذاك فافخر بئس ذاك المفخـر
ويقول أيضا :
ضحكت عبيلة إذ رأتني عاريـــــا @@ خلق القميص واسعدي مخدوش
لاتضحكي مني عبيلة واعجبــــي @@ مني إذا التفت على جيــــــــوش
ورأيت رمحي في القلوب محكمـا @@ وعليه من فيض الدماء نقـــوش
ألقي صدور الخيل وهي عوابـس @@ وأنا ضحوك نحوها وبشــــوش
إني ليث العرين ومن لــــــــــــــه @@ قلب الجبان محير ٌ مدهــــــوش
إني لاعجب كيف ينظر صورتـــي @@ يوم القتال مبارزٌ ويعيـــــــــش
ويقول في فخره بنفسه :
ألآ من مبلغ أهل الجحـــــــود @@ مقال فتى وفي بالعهـــــــــود
شأخرج للبراز خلي بـــــــــالٍ @@ بقلبٍ قدَّ من زبر الحديـــــــــد
واطعن بالقنا حتى يرانـــــــي @@ عدوي بكالشرارة من بعيـــــد
إذا ما الحرب دارت لي رحاها @@ وطاب الموت للرجل الشديـــد
ترى بيضاً تشعشع في لظاهـا @@ قد التصقت بأعضاد الزنــــود
فأقحمها ولكن مع رجــــــــالٍ @@ كأن قلوبها حجر الصعيـــــــد
وخيلٍ عودت خوض المنايـــا @@ تشيب مفرق الطفل الوليــــــد
سأحمل بالاسود على أســـودٍ @@ وأخضب ساعدي بدم الاسود
بمملكة عليها تاج عـــــــــــز @@ وقومٍ من بني عبسٍ شــــهود
فأما القائلون : هزبر قــــــومٍ @@ فذاك الفخر لا شرف الجـــدود
وأما القائلون : قتيل طعـــــنٍ @@ فذلك مصرع البطل الجلـــــــيد
ويقول أيضا :
إذا كشف الزمان لك القناعــــــــا @@ ود إليك صرف الدهر باعـــــــا
فلا تخش المنية وألقينهـــــــــــا @@ ودافع ما استطعت لها دفاعــــا
ولا تختر فراشا من حريـــــــــر @@ ولا تبك المنازل والبقاعــــــــــا
وحولك نسوة يندبن حزنـــــــــا @@ ويهتكن البراقع واللفاعــــــــــا
يقول لك الطبيب دواك عنـــــدي @@ إذا ما جس كفك والذراعــــــــا
ولو عرف الطبيـــــب دواء داء ٍ @@ يرد الموت ما قاسى النزاعــــا
وفي يوم المصانع قد تركنـــــــا @@ لنا بفعالنا خبرا مشاعـــــــــــــا
أقمنا بالذوابل سوق حـــــــرب ٍ @@ وصيرنا النفوس لها متاعـــــــا
حصاني كان دلال المنايـــــــــــا @@ فخاض غمارها وشرى وباعـــا
وسيفي كان في الهيجا طبيبــــا @@ يداوي رأس من يشكو الصداعا
أنا العبد الذي خبرت عنـــــــــه @@ وقد عاينتي فدع السماعــــــــــا
ولو أرسلت رمحي مع جبـــان ٍ @@ لكان بهيبتي يلقى السباعـــــــــا
ملات الارض خوفا من حسامي @@ وخصمي لم يجد فيها اتساعــــا
اذا الابطال فرت خوف بأســــي @@ ترى الاقاطار باعا أو ذراعــــــا
وله أيضا من القصائد الجميله :
قف بالديار وصح الى بيداهـــــــــــا @@ فعسى الديار تجيب من ناداهــــا
دار يفوح المسك من عرصاتـهــــــا @@ والعود والند الذكي جناهـــــــــا
دار لعبلة شط عنك مزارهـــــــــــــا @@ ونأت لعمري ما أراك تراهــــــــا
ما بال عينيك لاتمل من البكـــــــــــا @@ رمد بعينيك أم جفاك كراهـــــــــا
يا صاحبي قف بالمطايا ساعـــــــــة @@ في دار عبلة سائلا مغناهـــــــــا
أم كيف تسأل دمنة ً عاديـــــــــــــة @@ سفت الجنوب دمانها وثراهــــــا
يا عبل قد هام الفؤاد بدوركـــــــــم @@ وأرى ديوني ما يحل قضاهـــــــا
يا عبل إن تبكي علي بحرقـــــــــــة @@ فلطالما بكت الرجال نساهـــــــــا
يا عبلُ إني في الكريهة ضيغــــــــمٌ @@ شرس إذا ما الطعن شق جباهــا
ودنت كباش ٍ من كباش تصطلـــــي @@ نار الكريهة أو تخوض لظاهــــا
ودنا الشجاع من الشجاع وأشرعت @@ سمر الرماح على اختلاف قناهـا
فهناك أطعن في الوغى فرسانهـــــا @@ طعنا يشق قلوبها وكلاهــــــــــا
وسلي الفوارس يخبرونك بهمتــــي @@ ومواقفي في الحرب حين أطاها
وأزيدها من نار حربي شعلــــــــــة @@ وأثيرها حتى تدور رحاهـــــــــا
وأكر فيهم في لهيب شعاعهـــــــــا @@ وأكون أول واقد ٍ يصلاهـــــــــا
وأكون أول ضارب ٍ بمهـــــــــــــند @@ يفري الجماجم لايريد سواهـــــا
وأكون أول فارس ٍ يغشى الوغـــــا @@ فأقود أول فارس يغشاهــــــــــا
والخيل تعلم والوفارس أنــــــــــني @@ شيخ الحروب وكهلها وفتاهــــا
يا عبل كم من فارس ٍ خليتـــــــــــه @@ في وسط رابية يعد حصاهــــــا
يا عبل كم من حلرة خليتهـــــــــــــا @@ تبكي وتنعى بعلها وأخاهــــــــا
يا عبل كم من مهرةٍ غادرتـــــــــهـا @@ من بعد صاحبها تجر خطاهــــا
يا عبل لو أني لقيت كتيبـــــــــــــــةً @@ سبعين ألفا ما رهبت لقاهــــــــا
وأنا المنيةُ وابن كل منيـــــــــــــــةٍ @@ وسواد جلدي ثوبها ورداهـــــا