: تشهد سماءُ السعودية والوطن العربي مساء الأربعاء المقبل، خسوفاً كلياً نادراً، حيث سيعبر القمر تقريباً من أمام مركز ظل الأرض. وشهدت سماءُ السعودية هذا الحدث آخر مرة قبل 40 سنة، وهو أحد الخسوفات القمرية الأكثر ظُلمةً وندرةً في التاريخ، وفقاً لما ذكرته الجمعية الفلكية في جدة.
وبيّن رئيس الجمعية المهندس ماجد أبو زاهرة، أن هذا الخسوف النادر حدث في سماء المملكة آخر مرة في 14 جمادى الآخرة 1391 هـ، فيما كان آخر خسوف مثله وشهدته الكرة الأرضية ولم يكن مشاهدا في المملكة في عام 1421هـ.
وقال أبو زاهرة إنه سيبدأ دخول القمر منطقة شبه ظل الأرض عند الساعة 8:24 مساء بتوقيت مكة المكرّمة، وهذه المرحلة لا يمكن ملاحظتها بالعين المجرّدة، حيث إن القمر لم يدخل في خسف، وأشعة الشمس لا تزال تصل إليه، يعقب ذلك بداية الخسوف الجزئي عند الساعة 9:23 مساء، وتعد هذه المرحلة مهمة حيث يتم خلالها القيام بالتعرُّف على شكل الكرة الأرضية من خلال ظلها الساقط على القمر، فالراصد سيلاحظ أن الظل الساقط على القمر حافته مقوسة، ويبدأ بعد ذلك الخسوف الكلي عند الساعة 10:22 مساء، حيث يكون كامل القمر داخلاً في ظل الأرض، ويصل الخسوف ذروته عند الساعة 11:13 مساء ويكون القمر عند هذا التوقيت في الأفق الجنوبي، الجنوب الشرقي بالنسبة للكعبة المشرّفة، في حين يكون فوق الراصدين في كبد السماء في الجزء الجنوبي من المحيط الهادي بين مدغشقر واستراليا، وسيبلغ مقدار ما سيغطيه ظل الأرض القمر (170.5 %) وهذه القيمة تشير إلى المقدار الذي وصل فيه القمر داخل ظل الأرض، ما يعني أن القمر سيكون في عمق ظل الأرض ما يجعل المشاهد للقمر في ذلك التوقيت يلاحظ انه أكثر ظُلمةً من الخسوفات القمرية الأخرى المعتادة، مع الأخذ في الحسبان العوامل الجوية.
ويستمر الخسوف الكلي 100 دقيقة وهي من الحالات النادرة أن يستمر الخسوف كلياً هذه المدة.
وعلى الرغم من أن الكرة الأرضية تحجب أشعة الشمس المباشرة عن القمر خلال الخسوف الكلي إلا إنه يتحول إلى اللون الأحمر. ويرجع السبب في ذلك إلى أن أشعة الشمس غير المباشرة تبقى قادرةً على الوصول إلى القمر، لكن قبل ذلك عليها المرور من خلال الغلاف الجوي للأرض الذي يقوم بترشيح معظم ألوان الضوء الأزرق، ويتبقى الضوء الأحمر والبرتقالي القاتم، إضافة إلى ذلك فإن الغلاف الجوي للأرض يقوم بعكس أو انحناء كمية بسيطة من ضوء الشمس التي يمكن أن تصل إلى القمر وتجعله مضيئاً.
ولو أن الأرض لم يكن يحيط بها غلافٌ جويٌّ لكان القمر خلال الخسوف الكلي بلون أسود. والقمر عند الخسوف الكلي، يمكن أن يأخذ اللون البني الغامق والأحمر إلى البرتقالي البراق والأصفر، وهذا يعتمد على كمية الغبار والغيوم الموجودة في الغلاف الجوي حول الأرض.
ونوّه أبو زاهرة إلى أن الجمعية ستقوم برصد ميداني لملاحظة تفاصيل خسوف القمر الكلي، حيث سيتم رصد وتصوير شكل الكرة الأرضية من خلال ظل الأرض الذي سيسقط على القمر ويعطي شكل الأرض الدائري، حيث ستظهر حافة الظل مقوسة، وذلك في بداية الخسوف الجزئي وهي طريقة استخدمها قدماء الإغريق في إثبات كروية الأرض ورصد دخول الفوهات القمرية إلى داخل ظل الأرض، إلى جانب رصد القمر بشكلٍ دقيق، لاحتمالية ظهور أي ألوان أخرى خلال مرحلة الخسوف الكلي، وخاصة عند استخدام المنظار الثنائي العينية أو التلسكوب.
وفي بعض الأحيان يحدث أن تظهر الألوان الأزرق والأخضر والأرجواني بشكل ضعيف. وسيتم تقييم مدى الظُلمة في القمر وذلك باستخدام مقياس دانجون ، إضافة إلى أنه سيكون القمر عند الذروة على بُعد 374508.9 كيلو متر من الأرض، حيث ستتم ملاحظة حدوث أي نشاطٍ جيولوجي غير اعتيادي على الكرة الأرضية سواء كان نشاطاً زلزالياً أو بركانياً، وذلك من خلال البيانات الصادرة عن المراكز الزلزالية المنتشرة حول العالم. وسينتهي الخسوف الكلي الساعة 12:02 منتصف الليل، ويتبع ذلك نهاية الخسوف الجزئي عند الساعة 01:02 فجراً.
ويخرج لاحقاً القمر من منطقة شبه ظل الأرض عند الساعة 02:00 فجراً. وعلى عكس كسوف الشمس الذي تكون أشعة الشمس مضرّة للعين المجردة، فإن خسوف القمر لا يستدعي الحاجة إلى استعمال أيِّ نوعٍ من النظارات الخاصة أو الوقائية، ويمكن رصد الخسوف بالعين المجردة، طبعاً في حالة خلو الجو من أيِّ غيومٍ أو غبارٍ، ويمكنك استعمال منظارٍ لتقريب الصورة ومشاهدة القمر بشكلٍ واضحٍ وقريب.
وسيكون الخسوف الكلي للقمر مرئياً في إفريقيا وجنوب آسيا وأستراليا، وأفضل المناطق لرصد الخسوف سيكون في وسط آسيا وشرق أوروبا وشمال شرق إفريقيا. جدير بالذكر أنه وبمشيئة الله تعالى سيكون الخسوف التالي المُشاهَد في سماء المملكة في منتصف المحرم العام المقبل 1433 هـ.